عقل القرآن
Blog Post

الذکری الرابعه لرحیل العلامه الشیخ عبدالرسول الکرمی طاب ثراه

السلام علیکم و رحمه الله و برکاته

بمناسبةذکری الرابعه لرحیل العالم ، المفکر ، المجاهد ،الادیب ،العلامه الشیخ عبدالرسول الکرمی طاب ثراه نقدم لحضراتکم الشریفه نبذه من ما جاء به بعض من علماءنا الاجلاء حول التدبر فی القرآن الکریم و من ثم رأي شيخنا و معلمنا العلامه الشيخ عبدالرسول الکرمی رحمه الله علیه .

 لقد ازدادت أسالیب «التدبّر فی القرأن» منذ نزوله الی عصرنا هذا ازدیاداً لافتاً. وهذا ما أدى إلى طرح رؤى مختلفة بل ومتناقضة أحیاناً ، منهم من قال “الصّرفة و منهم من تحدث عن “الصور البلاغیه” و ذهب الأخر إلی “تفسیر القرأن بالقرأن”

نظريّة “الصّرفة” التي جاء بها أبو إسحق إبراهيم النّظام (221هـ) ، أحد أهمّ شيوخ المعتزلة، و نظرية الصرفة هذه، التي جاء بها النّظام، يقصد بها إن الله تعالی ما أنزل القرأن لیكون حجه علی النبوه بل هو كسائر الكتب المنزله لبیان الأحكام من الحلال و الحرام، و الأعرب إنما لم یعارضوه لأن الله صرفهم عن ذلك و سلب علومهم به.

وشهد القرنان الرابع والخامس الهجريان حركة بلاغية واسعة فيما يخص البحث في بلاغة القرأن الكريم ودراستها، ثم تبلور عهد النضج البلاغي بمؤلَّفَي عبدالقاهر الجرجانيالشهيرين “دلائل الإعجاز” و” أسرار البلاغة”، إذ أثبت فيهما نظرية النظم التي جاء بها، وحدد مباحث كل من علمي البيان والمعانی ،إذ يقول “يلزم على ادعائهم هذا أن يكون العرب قد تراجعت حالها في البلاغة والبيان، وفي جودة النظم وشرف اللفظ، وأن يكونوا قد نقصوا في قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير مما كانوا يستطيعون، وأن تكون أشعارهم التي قالوها، والخطب التي قاموا بها من بعد أن أوحي إلى النبي صلى الله عليه واله وتحدوا إلى المعارضة قاصرة عما سمع منهم من قبل ذلك القصور الشديد، وإذا كان الأمر كذلك، وأنهم منعوا منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها، لزمهم أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، ولو عرفوا لجاء عنهم ذكره، ولكانوا قد قالوا للنبي صلى الله عليه واله: إنا كنا نستطيع هذا قبل الذي جئتنا به، ولكنك سحرتنا، واحتلت علينا في شيء حال بيننا وبينه، وكان أقل ما يجب عليهم في ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوا البعض إلى البعض، ويقولوا: ما لنا نقصنا في قرائحنا؟! وإذا كان ذلك لم يرد، ولم يذكر إن كان منهم قول في هذا المعنى، لا ما قل ولا ما كثر، فهذا دليل على أنه قول فاسد، ورأي ليس من آراء ذوي التحصيل”.

و قال السید الجلیل العلامه الطباطبایی رحمه الله علیه فی الجلد الأول من “تفسیر المیزان “و المیزان آخر ما انجبته الحضارة الاسلاميه  :

ان الجميع مشتركة في نقص وبئس النقص ، وهو تحميل ما أنتجه الأبحاث العلمية أو الفلسفية من خارج على مداليل الأيات ، فتبدل به التفسير تطبيقا وسمي به التطبيق تفسيرا ، وصارت بذلك حقائق من القرأن مجازات ، وتنزيل عدة من الأيات تأويلات ولازم ذلك أن يكون القرأن الذي يعرف نفسه ( بأنه هدى للعالمين ونور مبين وتبيان لكل شئ ) مهديا إليه بغيره ومستنيرا بغيره ومبينا بغيره ، فما هذا الغير ! وما شأنه ! وبماذا يهدي إليه ! وما هو المرجع والملجا إذا اختلف فيه ! وقد اختلف واشتد الخلاف . وكيف كان فهذا الاختلاف لم يولده اختلاف النظر في مفهوم ( مفهوم اللفظ المفرد أو الجملة بحسب اللغة والعرف العربي ) الكلمات أو الأيات ، فإنما هو كلام عربي مبين لا يتوقف في فهمه عربي ولا غيره ممن هو عارف باللغة واساليب الكلام العربي.وليس بين آيات القرأن وهي بضع آلاف  آية واحدة ذات اغلاق وتعقيد في مفهومها بحيث يتحير الذهن في فهم معناها ، وكيف ! وهو افصح الكلام ومن شرط الفصاحة خلو الكلام عن الاغلاق والتعقيد ، حتى أن الأيات المعدودة من متشابه القرأن كالأيات المنسوخة وغيرها ، في غاية الوضوح من جهة المفهوم ، وإنما التشابه في المراد منها وهو ظاهر.

وإنما الإختلاف كل الإختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظية من مفردها ومركبها ، وفي المدلول التصوري والتصديقي.

ثم جاء الرد علی هولاء العلماء الإجلاء من قبل العلامه الشيخ عبدالرسول الكرمي الحويزيطاب ثراه (1442ه) تحت عنوان “قرأنيه القرأن” و بالواقع “قرأنيه القرأن” تعد باب لطرح نظریة “عقل القرأن” إلتي تبناها طیلة حياته و كان يلقي بعضٌ منها في محافل تدريسه في مدينه الخفاجیه الواقعه جنوب غرب ايران الاسلاميه قبل أن يتوفي في نفس المدينه المذکوره

الیکم جانب من ما قاله سیدنا الاستاد فی مبحث قرأنيه القرأن:

هل للقرأن ، قرأنيه ؟ ما معنى القرأنيه؟ القرأنيه هى الخصوصيه المتوحد بها القرأن بحيث إذا قُرئَ فى أىّ مكان من دون عنونه نفهم هذا شئٌ من القرأن و دل على موضعهِ بنفسه . هذه الدلالة الذاتية ، هى القرأنيه ، فإذا ثبتت ثبت شئٌ وراءها ، لماذا ؟ لأن القرأن أول صفه من صفاتَهُ و هىَ الصفة السابقة على جميع صفاته ، الدعوة إلى التوحيد ، توحيد الله سبحانه و تعالى . خذ كلام النبى الأعظم و هو من أبلغ الكلام و هو الأخر يدعوا إلى التوحيد و معصوم بأمر الله تعالى من الخروج عن خطة التوحيد و قِسهُ إلى القرأن تجد فرقٌ هائلٌ بين هذا و ذاك . هذا كلامٌ إنسانى و ذاك كلامٌ قرأنى . من أين ينشأ هذا الفرق مع أن المحتوى على ذات الطريق و ذات المنهج ، قرأنيه خاصه لا نستطيع تحديدها إنما نسميها القرأنيه . لاحظنا أول علامات ، هذه القرأنية لها وجودان ، وجود دعوى القرأن يدعيه لنفسه ، فهل حقا أن القرأن يدعى لنفسهِ قرأنيه؟ هذا سوأل و السوأل ضرورى الطرح و ضرورى الإجابه ، لماذا ؟ لأن فئةٌ كبيرةٌ من المسلمين قالوا بمذهب الصرفة، أن القرأن كلامٌ عربى لا ميزة له على بقية الكلام و إذا ترك الله عبادهُ لجاءو بقرائين ليكن تاييداً للرسالة منعهم من الإتيان بمثله ،صرفهم صرف قدره لا صرف إراده و إلا الإرادة موجوده . إجتمع فى القرن الماضى جبابرة اللغة العربية فى بيروت و منهم الكرملي و هو شهيرٌ فى اللغة و قالوا فلنأتى بمثل هذا القرأن ،إن التحدى قائم و نحن فى حالة تحدى مع القرأن ، فتقاسموا أمرهم بينهم على أن يأتوا بمثل سورة الحمد . و أخذوا فاتحة الكتاب موضوعاً للتحدى و قسموها إلى خمسة أجزاء و حددوا لأنفسهم مدة أشهرٍ و ليس شهر ثم إجتمعوا بعد إنقضاء المدة و كلٌ دلا بدلوه و إذا أول  الساخرين ممن كتبوا ، قالوا ماهو بتحدى إنما هوه مداعبه للقرأن و القرأن فريد لن يأتى أحداً بمثله و علماً كلهم علي دين المسيح . السيد الخوئى رضوان الله تعالى عليه يذكرها فى بدايات كتابه البيان (تفسير القرأن الجزء الأول)يذكرها كاملةً و من جملة ضعفها إنها علي نفس سياق سورة الحمد ، محاولةٌ على إعادة تركيب معانى سورة الحمد بلغةٍ تعسه ، تعسَ الطالب و المطلوب ، تعسَ الضال و الهادى . فسخروا فقالوا إنها ليس من باب التحدى ، أنّا نحن و أنّا القرأن ، أين نحن و أين القرأن . عندما تسأل هولاء الذين لايقولون بقرأنية القرأن يقول إن الله صرفهم و إلا هولاء من فحول اللغه . ماالدليل على أن الله صرفهم  و ليس العجز كان وراء ذالك؟ لا دليل إن هىَ احلام الحالمين و ضلال الضالين . الواقع الذى أمامنا و الثابت علمياً أنهم عجزوا ، عجزوا لأنهم عجزوا . نحن قرئنا فى مقدمة البيان أنه معانى القرأن عاديةً تجدها فى قارعة الطريق ثم السيد الطباطبائي صاحب الميزان رضوان الله تعالى عليه اكثرا من ذالك تقاً و علما ، قال : مفاهيم القرأن بسيطةً لايختلف إثنان عليها من يعرف العربية و من هو عربى ، إنما الإختلاف فى المصداق، أما المعانى بسيطةً و نفى القرأنيه ، لم يَقُل بالصرفه صراحتاً و إنما نهجهُ ، منهج الصرفه . فالتسائل هل هناك قرأنيه أم لا؟إذا كان مثلما يدعى السيد صاحب الميزان معناهُ لاخصوصية للقرأن و أنه نزج لفظى لاخصوصية فكرية له ، فإذا إنتهت الخصوصية الفكرية إنتهت الخلفية العقليه للقرأن و إنما يتحدث ك سائر الناس . قرأنية القرأن لها مستقبل قوى لأنها تُعَّدل عقل ارسطو من الصميم و تنفى إسلامية عقل أرسطو الذى قائم عليه دراسات اصول الفقه و الفلسفه . فالتحقيق فى قرأنية القرأن بابٌ للتحقيق فى عقل القرأن فهل للقرأن قرأنيه؟ هناك مستويان من الدليل ، الدليل الواقعى الذى ينتهى إليه التحقيق و الدرس و المستوى الثانى القرأن، ماذا يقول عن نفسه ، هل يدعى لنفسه القرأنية أم لا ؟ نحن بدأنا بماذا يقول القرأن عن نفسه و وجدناه يقول أنه معجِز ، معجِز ذاتياً و لم يقل معجِز صرف و الدليل الثانى آيه شريفه تنص على قرأنية القرأن ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقرأن ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [نساء/82] هذه تدل على أن القرأنيه هى مصدر البرهانية على نبوت رسول الله ، لماذا لأن القرأن لايجدون إختلاف فى آياته بينما اىّ كتاب يجدون بين سطوره إختلاف ، بعضها يختلف من بعض . مثلاً سيغمند فرويد مؤسس المدرسه الحديثه و مؤسس الطب النفسى فى بدايات الأمر قال بنظريه ، قال إن الإنسان لديه شعورٌ و لاشعور و بنا تحليلاته و علاجاته للأمراض النفسية على هذا الأساس ليكن فى أخر أيام حياته رفض هذا و قال نفس الإنسان تتركب من ثلاثة عناصر و ليس من عنصرين ، الهو ، أنا و الأنا العلى . الهو يشكل اللاشعور ، الرغبات الخفية (هذه أساس كل البليات) و الأنا ،الأن نحن تحت هيمنت الأنا (الواقعيه العاقله ) و الأنا الأعلى الضمير و القيم ، فشخصية الإنسان تتركب و غيّر فى طريقة العلاج النفسى . الغرض أن هذا الأمر الذى تدعيه الأيه ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقرأن ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [نساء/82] ضروره من ضرورات البحث أن يختلف الإنسان مع نفسه بينما القرأن رغم دعاويه الطويلة العريضة و الدقيقه غاية الدقه متابعتها لا تؤدى إلى إكتشاف التناقض ، منسجم يتكامل،  بمعنى، هذه الأيه تشرع للمفسر إتباع طريقة تكامل المعنى ، كيف نفسر القرأن ؟عن طريق تكامل المعنى ، الذى يعبر عنها السيد الطباطبايي طريقة تفسير القرأن بالقرأن و حقيقة الأمر هو تكامل المعنى ، عن طريق تكامل المعنى يتكامل القرأن ، يعطى الإنسان معانيه . فالأيه الشريفة تدل على قرأنية القرأن ، كل الكتب منهمه بالتناقض إلا القرأن لأنه يتكامل و لماذا يتكامل ؟لأنه من علّام الغيوب . فإذاً القرأن يدعى لنفسه القرأنية ، يدعى لنفسه الهيمنة ، لماذا ؟لأنه كلام الله، كلام المولى مع عبيده و كيف يتم هذا ؟ يتم عن طريق الهيمنة و المهيمن عليه القرأن ،فيه هيمنةٌ عجيبةٌ غريبةٌ لن تجدها فى أقصى الكتب ،لهجة السلطانية مهيمنة على جميع معانى و خطابات القرأن .القرأنیة الثالثة: القرأن تحدى منذ ١٥٠٠ سنه و التحدى قائم و أىّ كتاب من كتب القوم و من جملتها كتب المعلم الأول نُقضت عدة مرات إلا القرأن لم يستطيع أحدٌ أن يتحداه ، تحدیه قائم . القرأنیة الرابعة :الإستدلال بالغیب عن صدقه ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت/53] و إدعاهِ الغیب یعلمه هو و لا یعلمه سواه ، سنریهم آیاتنا الغیب ،یتحدث عن الغیب ، سیکتشف الغیب بحقائق لایعرفها إلا القرأن و یکون دلیل صدقه أنه لیس من الإنسان ، لأن الإنسان لایعلم الغیب و الدلیل أن الإنسان لا یعلم الغیب إنما تخمینات بعض الأحیان تصدِق و بعض الأحیان لا تَصدِق . مثلاً الإشتراکیة العلمیة المارکسیه إدعت إنها قوانین العلم للحرکه المسیطرة علی التأریخ و الإنسان و أنَّ هی صادقةٌ مئة فی المئه ، إکتشاف علمی و لیس لفظ لیکن أول ما بدء الخلل أصحابها إنتقدوها حتى قالوا أخيراً و قبل سقوطها ، الماركسية اللينينيه ، معنى هذا أنه هناك كان خطأً صلّحهُ لينين ، ثم سقطت ، هوت على اُم رأسها و لم يبقى لها من باقيه و أثبتت أنه لا قوانين علمية فى التأريخ و لا قوانين علمية فى المجتمع إلا القرأن يستدل بالغيب على صدقه ، يستدل بالغيب يعني سنريهم اياتنا فى الافاق، هذه القرأن وحدهُ يتفرد بها فللقرأن قرأنية على مستوى الدعوة الإلهية . القرأن يدعى لنفسهِ قرأنية و أما على مستوى الواقع للقرأن ، قرأنية لعجز الإنسان واقعاً على الإتيان بمثله و السبب الوحيد القرأنية  و أما دعوة الصرفة فباطلةٌ مئه فى المئه لأن لا دليل عليها ، دعوة عاجز عن العمل بحتجاجات من هنا و هناك . عَجَز الإنسان فقال صرف الله قلبى ، إقرارٌ بالعجز ليكن تعليلٌ لا بذاتية القرأن ، تعليلٌ بعونٌ خارجى . فإذاً الصرفة لا أساس لها و دعوةٌ باطله مضحكه و الحقيقة يبقى القرأن له قرأنيه أعجزت المتحدين إعجازاً تام هذا هو الواقع

قرأنيه القرأن ، سلسه محاضرات للعلامه الراحل الشيخ عبدالرسول الکرمی طاب ثراه

Write a comment